في ذكرى النكبة.. لا تعايش مع الاحتلال

-الإعلانات-

عبد معروف- وكالة الخبر
أكدت وقائع الصراع مع الاحتلال الاسرائيلي منذ العام 1948، أن لا إمكانية للتعايش مع هذا الاحتلال، ولا إمكانية لإيجاد تسويات للصراع على طاولة المفاوضات، ليس لأن هذا الاحتلال يقتل ويدمر ويسيطر ويحتل الأرض فحسب، بل لأن هذا الاحتلال عدو ماكر يتبع سياسة التخريب والاختراق والتفتيت وزرع الفتن، ويطال العرب بالذل والاستسلام لشروطه ، هذا هو العدو الاسرائيلي وهذه هي طبيعته، وبالتالي، فإن المراهنة على تسوية سلمية معه، أو البحث عن حلول سلمية للصراع يؤدي إلى حل الدولتين، هو ضرب من الخيال، ولا يمت للواقع بصلة، رغم كل ما قدمه العرب من تنازلات واعترافات وفتح سفارات تسهيلا للحل، إلا أنه بقي على طبيعته العدوانية واسلحته التدميرية ومصادرة الأراضي العربية.
الشعب يعي كل ذلك، لكنه منح فرصة لسنوات طويلة لمن راهن على أن هناك حلول سلمية، ذلك لأنه المتضرر من بقاء الاحتلال، والمتضرر من قوته وسياسته واجراءاته، وقد وصل إلى مرحلة لم يعد فيها يحتمل هذه الممارسات العدوانية، المكللة دائما بالقتل والمجازر ومصادرة الأراضي وطرد السكان من منازلهم وممتلكاتهم، ولم يعد هذا الشعب يحتمل الحلول والانتظار وتحريك المفاوضات، ولم يعد على استعداد للتخلي عن ميادين القتال والثورة في مواجهة الاحتلال.
ولم يعد ينتظر الاتصالات والمؤتمرات لوقف العدوان، بل انخرط الشعب في ميادين القتال والصمود ردا على العدوان الذي يتعرض له في القدس وغزة والضفة والأراضي الفلسطينية التي احتلت في العام 1948، فاختار طريق الانتفاضة مجددا للرد على عدوان الاحتلال وسياسته الاستفزازية، وقال كلمته الأخيرة بلغة الحجارة والبنادق والصواريخ العابرة لحواجز الاحتلال، وطلب من قيادته أن تسير خلفه في خيار الثورة والمواجهة.
لكن هذا الشعب العظيم اليوم وهو في ميادين المواجهة على امتداد الوطن الفلسطيني يحتاج لمسألتين:
يحتاج لقوى سياسية قادرة على تحديد برنامج عملها وتوظف النضالات اليومية في الميادين في إطار المشروع الوطني الفلسطيني العام وفتح آفاق الصراع مع الاحتلال .
قوى سياسية وطنية قادرة وصلبة تعمل على تنظيم صفوف هذا الشعب وترفع من مستوى وعيه وتحول الانتفاضة من عمل ردة فعل على العدوان إلى فعل ثوري من أجل دحر الاحتلال وتحرير الأرض واستعادة الحقوق الوطنية الفلسطينية.
والمسألة الثانية، فالشعب الفلسطيني يحتاج اليوم لعمقه العربي، ومده العربي، لأن القدس وغزة والأراضي الفلسطينية لا يمكن وحدها دحر الاحتلال الاسرائيلي الذي يمتلك القوة والاسلحة الفتاكة ولديه التحالفات والامكانيات التي تمكنه من اتباع سياسة تحاصر الفلسطينيين وتجعل المعركة معهم وحدهم لتتمكن من استضعافهم وهزيمتهم، فالدعم العربي للانتفاضة شرط من شروط الانتصار، والعمل على توظيفها في إطار المشروع الوطني وليس على طاولة المفاوضات مقابل فتات مما قد يلوح به العدو ونعتبره أو يعتبره البعض انتصارا ما بعده انتصار.
فالعمل السياسي والمواجهة يجب أن لا تكون بشكل عفوي وفوضي وغير منظم، ولا يكون العمل المقاوم ردا على حدث أو عدوان على منطقة فلسطينية، بل هو عمل منظم في إطار المشروع الوطني العام لدحر الاحتلال وتحرير الأرض وعودة اللاجئين إلى منازلهم وممتلكاتهم التي أبعدوا عنها بالقوة بعد العام 1948.
لاشك، أن كيان الاحتلال يتعرض للاهتزاز والارباك، لكن هذا لا يكفي، فالشعب يريد دحر الاحتلال وتحرير الأرض، وهذا لا يكون إلا بتوفير شروط وعوامل الانتصار، وإذا كان ما يجري اليوم خطوة مباركة، فإن ذلك يتطلب أكثر من الدعاء والشعارات والخطابات، بل يحتاج إلى لعمل جاد وفاعل على امتداد الأرض العربية، يخرج العرب من دائرة الاستسلام والعجز والترهل إلى دائرة العمل وتعزيز القدرات والامكانيات وتنظيم الصفوف وحشد الطاقات.
وهذا ليس ضرب من خيال، فالشعب الذي أطلق ثوراته المتعاقبة عبر العقود الماضية، شعب قادر على تحقيق الانتصار ودحر الاحتلال.
لكن ذلك عمل سياسي منظم يتطلب التخطيط ووالدراسة والاستعداد والعمل في كافة الميادين، فالنفوس يسيطر عليها اليأس والاحباط و تكتفي بإطلاق الشعارات والمباركات والتمجيدات والوقفات والخطابات الرنانة تتهرب من واجباتها ومسؤولياتها ، والذين يكتفون بالدعاء والصلوات لا يمكن لهم دعم غزة والأراضي الفلسطينية ولا يمكن لها إنقاذ المسجد الاقصى، فمواجهة الاحتلال تتطلب العمل الواعي والعمل السياسي والعسكري المنظم وثورة شعبية على واقع وصل إلى حد الترهل.
المواجهة مع الاحتلال تتطلب الاستعداد وتنظيم الصفوف وتحديد الأهداف العسكرية والسياسية وأولى هذه الأهداف أن فلسطين أرض عربية وغير قابلة للمساومة وأن الصراع مع الاحتلال هو صراع وجودي يجب أن يكون على امتداد الوطن .

قد يعجبك ايضا