أين وليد بيك ؟

-الإعلانات-

من يُراقب ويتابع الحركة السياسية لرئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط في ظلّ الحركة الانتخابية المتصاعدة، إنّما سيلاحظ أمراً واحداً لا مفرّ منه: ابتعادٌ عن الأضواء وتركُ الساحة لعناصر أخرى من أجل البروز سياسياً وانتخابياً.

محمد الجنون – لبنان 24

في الواقع، تعتبرُ معركة جنبلاط الانتخابيّة هذه المرّة مصيرية بكافة المقاييس، إذ تشكلت قناعة لديه وعند فريقه أن المختارة مستهدفة وتتعرض لحرب “إلغاء”.

من أجل تلك المعركة، كرّس جنبلاط مختلف “الصقور” لديه لخوضها، مُفسحاً المجال أمام نفسه لترتيبِ كواليس الحرب التي يسعى للخروج منها منتصراً وفق المُمكن بوجه الأقطاب الآخرين مثل “حزب الله” والوزير السابق وئام وهاب.

في الشكل والمضمون، يبدو أن جنبلاط قرّر فتح الطريق الكبير لنجله تيمور لخوض الانتخابات بقوّة وببروز واضح. ولهذا، كان “بيك المختارة” بعيداً عن إعلان لائحة “الشراكة والإرادة” التي يترأسها تيمور قبل يومين في قصر المير أمين في بيت الدين، في حين أنه كان أيضاً بعيداً عن إحياء ذكرى المعلم كمال جنبلاط في آذار الماضي. وفي ما خصّ المناسبة الأخيرة، فإنّ زعيم “الإشتراكي” كان خارج البلاد، لكنّ يوم إعلان اللائحة قبل يومين، كان جنبلاط يتواجدُ في لبنان، وقد آثر البقاء بعيداً لإعطاء نجله الأولوية بشكل مطلق وإعطائه الزّخم الكبير أسوة بغيره من الشخصيات التي دخلت الحياة السياسية مؤخراً.

عن هذا الأمر، تقول مصادر سياسية وازنة إنّ “وليد جنبلاط أراد الابتعاد قليلاً عن المعركة الانتخابية المباشرة الخاصّة بنجله، إذ أن الأخير هو من يديرُ الكثير من الأمور وينسق سلسلة من الركائز ويعمدُ إلى عقد الاجتماعات الدورية”. إلا أنه في المقابل، فإنّ الأوساط نفسها أشارت أيضاً إلى أنّ “القرارات الأساسية المرتبطة بالعملية الانتخابية أو بأي شيء سياسي، لا تُتخذ بأمرٍ من تيمور وحده، بل إنّ المرجعية الأساسية هي جنبلاط الأب، كون الأخير يخشى على نجله مواجهة الألغام التي قد تُرسم له ضمن اللوائح وفي المعركة الانتخابيّة”.

وسط كل ذلك، تقول مصادر مقرّبة من جنبلاط لـ”لبنان24″ إنّ “الأخير قرّر الابتعاد هذه الفترة عن الإعلام”، مشيرة إلى أنّ “هناك أعداداً هائلة من الطلبات التي تصل إلى جنبلاط من أجل إجراء مقابلات معه، لكنه يرفض ويفضل عدم التحدث الآن”.

فعلياً، فإنه في صمتِ جنبلاط رسائل كثيرة، وما يتبين هو أنّ النائب السابق شاء أن يعمل بصمتٍ باعتبارِ أنّ المعركة تحتاجُ إلى تأنٍّ شديد، في حين أنه أسند مهمّة شنّ الحرب الكلامية إلى نوابه أمثال وائل أبو فاعور وأكرم شهيب. وعند هذا الأمر، يبدو أن جنبلاط كان فضّل هذا الأمر أكثر من أي وقتٍ مضى، لاسيما أن بروزه وانعكاس انفعاله عند أي نقطة مفصليّة قد تساهم في انقلابها ضدّه.

مع هذا، فإنّ غياب جنبلاط عن الإعلام إنّما قد يكون لتجنب اطلاق مواقف تصعيدية ضد أي طرف، خصوصاً أن الأفرقاء الآخرين مثل وهاب، لم يبادروا إلى اعتماد خطاب استفزاز مباشر لجنبلاط حتى في عز دين المعركة الانتخابيّة. ولذلك، فإنّ ما يبدو هو أن خطاب التهدئة متفقٌ عليه من الجميع، في حين أنّ الرسائل الأساسيّة للمعركة تتضحُ في تصريحات من هم في فلكِ جنبلاط، وهذا أمر بديهي وطبيعي. إلا أن الأمر الأهم هو ابتعاد جنبلاط عن الواجهة كون تأثير الخطاب يختلف تماماً عن تأثير نوابه، حتى وإن كان هو نفسه.

ورغم قساوة المشهد وحدّيته، فإنّ الأوساط المقربة من جنبلاط تعكسُ ارتياح الأخير لإدارة المعركة طالما أنه يحشدُ لمرشحيه الذين يريدُ ضمانهم، لكن تلك الأوساط لا تُخفي قوّة النزال الانتخابي في ظلّ غياب الكثير من العناصر الانتخابيّة. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ جنبلاط يعتبر معركته في مكانٍ واحد وهي في تحصين المقعد الدرزي المرتبط بالنائب المستقيل مروان حماده الذي يريد فوزه قبل أي شيء.

حول هذا الأمر، تكشف معلومات “لبنان24” إنّ “جنبلاط أعطى توجيهاته الكاملة لمسؤولي الحزب التقدمي الإشتراكي في قرى وبلدات عديدة ضمن الشوف مثل نيحا وجوارها، وتنص على وجوب إبلاغ سكانها بضرورة الاقتراع بشكل كاملٍ لمروان حماده”.

ما يُقال هنا في هذا الإطار إنما يكشف عن خطة جنبلاط لتقسيم الأصوات بشكلٍ يضمن نجله تيمور من جهة وحماده من جهة أخرى. في المقابل، فإنّ زعيم “الإشتراكي” أدار عملية تشكيل اللائحة بشكل استطاع اكتساب الشروط لنفسه وحشدَ الكثير من المعطيات التي تصبّ في صالحه.

خلاصة الأمر هو أنّ جنبلاط قرّر خوض المعركة بصمتٍ ولكن وفق “تكتيك وخطة مدروسة”، في حين أن الثغرات التي تواجه لائحة نجله، تخضع للمعالجة بقوّة وبسرعة تداركاً لأي مفاجآت انتخابيّة. وحتماً، الأمر هذا محسومٌ في أي معركة، وهو يبرز لدى الأطراف الأخرى باعتبار أن الاستحقاق المقبل هو مصيري بامتياز.

قد يعجبك ايضا