ماذا فعلت السعودية بالنظام العالمي القديم ؟

-الإعلانات-

أكثر من ثلاثة عقود، مارست في خلالها الولايات المتحدة الاميركية سياسات خارجية مُجرّدة من الثوابت الدولية والاخلاقية والدبلوماسية، وتجسّدت بحروب غير شرعية وبأزمات و بتدخلات مباشرة و ناعمة في شوؤن الدول، أدّتْ الى ظهور جماعات متطرفة ومليشيات مسلّحة ارهابية مارست الجرائم والاعتداءات وسرقة الثروات، فضلاً عن اتهامات طالت واشنطن بغض الطرف عن التمدد الإيراني في سوريا ولبنان والعراق واليمن، وتأجيج الصراعات في الشرق الاوسط والعالم، و فرض الاملاءات والابتزاز والمغالاة في دعم اسرائيل .

ما يشهدهُ المسرح السياسي العربي والاقليمي و الدولي هو نتائج لتلك السياسات الفاشلة، انحسار للنفوذ الاميركي في المنطقة و العالم، وما بقي للولايات المتحدة الاميركية من نفوذ قائم و مؤثر ليس بفضل الردع العسكري أو الدور الدبلوماسي إنما بفضل الدولار وسياسة فرض العقوبات التي تميّزت خلال العقود الثلاثة المنصرمة بالغطرسة. وقد انفقت الولايات المتحدة من المال وبذلت من المساعي و الجهود من أجل شرق اوسط تتجّزأ دوله الى كانتونات وأقليات وصعود الجماعات المتطرفة والجهادية المسلحة الشديدة الخطورة .

فعلتها السعودية وأميركا ستخسر نفوذها

أصبحت دول المنطقة، قادة و شعبًا، قادرة على الافصاح علنا برفضها لسياسة ازدواج المعايير الاميركية ولسياسة الولايات المتحدة، و بناء على ذلك نجحت المملكة العربية السعودية بوضع رؤية واضحة وتصور للتطورات وتعديل الأداء السعودي حيال إعادة بناء التحالفات الاقليمية بما ينسجم والمتغيرات.
ولم تستطيع السعودية أن تبقى بمنأى عما يجري في دول الإقليم ولا سيما العربية منها، وجاءت أهمية تعزيز التقارب السعودي -الخليجي – العربي –الروسي – الصيني، في إشارة جديدة إلى تزايد روابط المملكة العربية السعودية و الدول الخليجية مع البلد الآسيوي العملاق وما شهدت الآونة الأخيرة زخمًا كبيرًا في خطوات تعزيز التقارب بين الصين والرياض، إذ وافقت الأخيرة على الانضمام إلى منظمة “شنغهاي” التي تقودها بكين والمكرسة للتجارة ومكافحة الإرهاب في خطوة تلت الوساطة الصينية بين طهران والرياض.
ويرى خبراء أن التقارب يدل على استعداد الرياض لنظام عالمي متعدد الأقطاب وتعمل السعودية على تنوع علاقاتها مع القوى العالمية الاخرى مثل الصين و روسيا في إطار التحول إلى مشروع سياسي اقتصادي خليجي عربي واضح عبر حل النزاعات ودعم جهود التهدئة في المنطقة والتي نجد أن السعودية تمثل فيها حجر الزاوية، وهو الاستنتاج ذاته الذي يجده صناع القرار في الشرق والغرب.

جهود الرياض لتحرير دمشق من أسر طهران ‌

وكشف مصدر دبلوماسي خليجي لـ”جسور” عن أن وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي سيعقدون إجتماعا إستثنائياً نهار الجمعة المقبل في جدة قبل أسابيع من انعقاد القمة العربية في الرياض، وسيتم في خلاله طرح الملف السوري وامكانية إعادة العلاقات الخليجية. وإرتأت الرياض ألا يكون قرار إستئناف العلاقات مع دمشق سعودياً منفرداً بل أن يحظى بموافقة دول مجلس التعاون الخليجي على أن يكون القرار عربياً بعد ذلك.

ويشير المصدر الى أن ثمة خطوات مطلوبة من سوريا بوقف تهريب الكبتاغون، وإعلان العفو العام، والتعهد بإعادة جميع اللاجئين السوريين إلى بلادهم من دون أي ملاحقات أمنية لهم، فضلاً عن تعهد النظام بإجراء إصلاحات سياسية، على أن يتم ذلك بضمانة روسيا التي تلعب دوراً كبيراً في التوسط لإعادة العلاقات العربية ـ لا سيما السعودية ـ مع سوريا، معتمدة على علاقاتها الجيدة مع الرياض.
ووفق المصادر، فإن روسيا ستضمن أي إتفاق مع سوريا لإعادة العلاقات العربية مع دمشق وفقا لتفاهمات المطلوبة، أمنياً وسياسياً.

الولايات المتحدة مستاءة

والملاحظ أن السعودية تنخرط في مسار هذه التفاهمات مع كل من طهران وموسكو، في ظل حالة إمتعاض أميركية عبّر عنها رئيس جهاز المخابرات المركزية الاميركية وليام بيرنز الذي قام بزيارة غير علنية إلى السعودية، الأسبوع الماضي. كما زعمت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية:إن بيرنز أعرب، خلال هذه الزيارة، عن “انزعاج” واشنطن تجاه التقارب بين الرياض وطهران بوساطة صينية، وكذلك التقارب بين المملكة العربية السعودية وسوريا. ونقلت الصحيفة عن “مصادر مطلعة ” أن بيرنز، أبلغ، بشكل غير مباشر، ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، بأن الولايات المتحدة ” شعرت بالصدمة من تقارب الرياض مع إيران وسوريا” .

لكن التعاون الأميركي السعودي على المستويين العسكري والاستخباراتي ظل قويا، إذ اختتمت أميركا والسعودية أخيرا أول مناورة مشتركة لمكافحة الطائرات من دون طيار، في مركز اختبار عسكري جديد في الرياض. ‌‌

طفح الكيل من الولايات المتحدة

المشهد الابرز ، إستياء الاوروبين من السياسة الخارجية الاميركية، إذ عبر عنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عندما أطلق تصريحات نارية ضد الولايات المتحدة الاميركية منذ أيام على متن طائرة العودة من الصين في زيارة استغرقت 3 أيام، أبرزها ضرورة ألا تصبح أوروبا تابعة للولايات المتحدة الاميركية، وقال ماكرون:”أوروبا يجب أن تقاوم الضغوط الرامية لتحويلها إلى تابعة للولايات المتحدة “.
وأوضح ماكرون: ” على أوروبا أن تقلص ارتباطها بالولايات المتحدة و يجب ألا تنجر إلى مواجهة بين الولايات المتحدة والصين بشأن تايوان” محذرا من أن يتحول الأوروبيون إلى تابعين للسياسة الأميركية في هذا ملف تايون .
ويرى ماكرون أن على دول الاتحاد الأوروبي تقليل اعتمادها على الدولار الأميركي خارج الحدود الإقليمية مجددا نظرية “الحكم الذاتي الاستراتيجي” لأوروبا، التي من المفترض أن تقودها فرنسا، لتصبح قوة عظمى ثالثة ” .

طارق أبو زينب – جسور

قد يعجبك ايضا