ما بعد القمة العربية ليس كما قبلها .. تحولات سياسية كبرى!

-الإعلانات-

عالجت القمم العربية التي انعقدت في المملكة العربية السعودية، منعطفات كثيرة في العالم العربي، بدءًا من قمة الرياض عام 1976، حتى قمة جدة المنتظرة في 19 مايو/ أيار الحالي، وعقدت أول قمة في المملكة بعد اندلاع شرارة الحرب الأهلية في لبنان، وشاء القدر أن تأتي القمة المقبلة في أعقاب الاشتباكات المسلحة في السودان إثر محاولات سعودية وعربية حثيثة لحقن الدماء في السودان وعودة سوريا إلى الجامعة الدول العربية والأحداث في فلسطين و لدعم السلام ورفع المعاناة الإنسانية عن الشعب اليمني وغيرها من أزمات عربية .

يعقدُ المراقبون الأمل على حرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان على السعي لنجاح القمة من خلال لمّ الشمل العربي للنهوض به والوصول إلى أعلى المراتب الدولية، وتشدد الدبلوماسية السعودية على أن الضرورات تفرض حتمية الاحتكام إلى التنسيق والتضامن إزاء ما يواجه العرب من تحديات كبرى في منعطف توتر غير مسبوق في التاريخ المعاصر للشرق الأوسط والعالم العربي والدولي.
ومن المنتظر أن تشهد قمة القادة العرب في جدة مباحثات موسعة بشقيها الاقتصادي والاجتماعي بما في ذلك الموضوعات التي تمثل أولية للعمل التنموي العربي المشترك، والتركيز على الفئات الضعيفة في المجتمع، وبما يُعزز جهود الدول العربية لتنفيذ خطة التنمية المستدامة 2030، وكذلك المقررات العربية والدولية .

دعم لبنان مقابل الاصلاحات

وتستحوذ المداولات على هامش القمة بأهمية خاصة أيضاً فعشية القمة وعلى هامش اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب، قال رئيس حكومة تصريف الاعمال في لبنان نجيب ميقاتي في حوار لـ صحيفة “الرياض”: القيادة السعودية تقود مشروع نهضة حقيقياً لجعل السعوديين صانعي عالماً أكثر رخاء ورحابة وجمالا، و انعقاد القمة العربية يؤكد دور المملكة العربية السعودية البارز والفاعل والريادي في العالم العربي والمنطقة.
كما وأن أهمية توقيت القمة تتمثل في مواكبة التطورات الكبيرة التي حققتها المملكة على صعيد التفاهمات في المنطقة واللقاء مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان كان قائما على الصراحة حيث عبّر عن دعمه للبنان ولكن شرط تنفيذ الاصلاحات البنيوية المطلوبة.

السعودية لقيادة عمل عربي مشترك

ويقول المستشار الاعلامي والباحث في الدبلوماسية والعلاقات الدولية عبد الله بن خالد الودعاني في حديث لـ”جسور”: ” القمّم العربية بشكل عام لها دور كبير في توطيد وترسيخ التعاون العربي وتعزيز مقومات النجاح وتذليل الصعوبات التي قد تواجه المنطقة، وتعد القمّة التي ستنعقد في جدة من أهم وابرز القمم الاعتيادية لما ستطرح من مواضيع مهمة في الأقليم العربي كما وتسهم في تعزيز سبل التعاون الأمني والإقتصادي بين الدول العربية الشقيقة، ومن جانب آخر تحد من المشاكل السياسية والأمنية والإقتصادية التي تواجه المنطقة، كما وتتميز بعودة جمهورية سوريا الشقيقة إلى الحضن العربي بعد غياب استمر لمدة عشر سنوات..وهذا انجاز عظيم يحسب للمنطقة لمقدرتها على إعادة ترابطها وحلها السلمي للخلافات الداخلية.
ويتابع الودعاني: لا شك أن الظروف السياسية في الوقت الراهن تغيرت بشكل جذري حيث أن المنطقة تواجه تحديات سياسية وإقتصادية لذا في وجهة نظره يحرص الجميع على التعاون في كل ما يخدم هذه الجوانب ويقلل من آثارها السلبية.
ويرى أن هذه القمة تشكل امتداداً للجهود السابقة في تعزيز اللحمة العربية، ولكن بجهود مضاعفة لكثرة الأحداث التي تواجه المنطقة مشددا على أن جامعة الدول العربية لها مكانتها و كيانها وتعاون أعضائها مطلب رئيسي لنجاح أهدافها.
وأكد الودعاني أن المملكة العربية السعودية جزء لا يتجزاء من الكيان العربي ومن المؤكد أن قيادتها القمة في دورتها هذه تعكس دوراً ريادياً لا سيما وأن المملكة تحظى بثقل سياسي و إقتصادي في الإقليم العربي و العالمي أيضًا، وقد شهدت المنطقة على دورها الفعال في حل النزاعات السياسية والأمنية وإسهاماتها المميزة في توحيد الصف العربي.

السعودية.. محور السلام

في سياق متصل، يقول الاكاديمي والمحلّل السّياسي والاقتصادي الاردني محمد سليمان القطامين في حديث لـ”جسور”: دعوة الرئيس السوري للمشاركة في قمة جدة تظهر نفوذ السعودية التي تسعى راهنا الى البروز كصانعة سلام في المنطقة مشددا على أن قمة جدة من أهم القمم من فترة طويلة لأنها ستعيد بناء المنطقة العربية بشكل يعتمد على المصالح وتحويل التحدّيات إلى فرص وستكون القمة ناجحة إذا استطاعت إعادة إدماج سوريا في النظام العربي واتخذت موقفا قويا من النزاع في السودان واليمن .
ويسلط القطامين الضوء على أهمية دور السعودية المحوري في السلام وجهدها المتواصل لإنهاء الحرب في اليمن ووصولاً إلى إعادة سوريا إلى محيطها العربي، كل هذا تقوده السعودية التي تعتبر قاطرة للسلام في المنطقة. وعلى الرغم من صعوبة المهمة والتعقيدات في العديد من الملفات الا ان السعودية تمضي في مراكمة نقاط النجاح فوق بعضها البعض.
وختم القطامين: بات جلياً أن هدف المملكة هو تحقيق الاستقرار المستدام وإنهاء الحروب ومساعدة الدول على الخروج من أزمتها، ما يسمح للمنطقة بالتفرغ للتنمية التي تؤدي إلى الازدهار الاقتصادي للشعوب.

طارق أبو زينب – جسور

قد يعجبك ايضا