قمّة العرب بـ”هندسة” سعوديّة

-الإعلانات-

كتب طارق أبو زينب:

تأتي القمّة العربيّة المُرتقبة في المملكة العربيّة السّعوديّة في وقتٍ مفصليّ وظروف استثنائيّة، تجعل من القمّة المُرتبقة في 19 الجاري، أهمّ قمّة عربيّة في آخر 15 سنة.

كثيرةٌ هي التّحديات العربيّة. تحدّيات على مستوى الأمن القوميّ والغذائي والمائيّ والاقتصاديّ، تُحتّم على العرب وحدةَ الصّف، وشحذ الهِمَم لمواجهة التّحديّات التي تعصفُ بخريطة العالم العربيّ من مياه الخليج إلى مياه المُحيط الأطلسيّ.

تقود السعودية بحكمة ضمن أهداف الدبلوماسيّة السّعودية الجديدة التي تتصفُ بالمرونة والحسم، والتي يُوجّهها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي أثبَتت الأيّام قدرته الفائقة في مواجهة الأزمات واقتناصِ الفرص وتسخير الإمكانات.

باتَ من الممُكن وصف محمّد بن سلمان بـ”مهندس القمة العربية المترقبة”.

إذ يعمَل على توفير الظّروف الملائمَة لتحقيق الاستقرار والنّمو الاقتصادي في المنطقة، للنهوض بالعمل العربي المشترك وفق رؤى ومفاهيم ومنهجية، وإزالة أسباب التّوتّر في المنطقة، وتقليصِ الأزمات، وجمع كلمة العرب كأّمة لها ماضٍ عريق ومستقبل واعد.

السعودية ومشروع الوفاق

صارَ واضحاً أنّ السّعوديّة انتقلت من مرحلة ردع التّعديات والتهديدات في الخليج العربيّ إلى مرحلة الانفتاح وترسيخ الاستقرار وإرساء التوازنات وإيلاء المصلحة العربية العليا الاهتمام الأقصى.

أخذت المملكة على عاتقها عبء محيطها لما تتمتع بهِ من متانةٍ اقتصاديّة ومكانة جيوسياسيّة. تنطلق بذلك من إدراكها أنّ الخلافات والنزاعات بين البِلاد المتجاورة أو بين مكونات الشّعب الواحد تحبط الجهود التي ينبغي أن توجّه للتنمية المستدامة، والاستثمار بالإمكانات البشريةّ والموارد الطبيعيةّ وغيرها.

يعقدُ المراقبون الأمل على هذه القمة لإيجاد الحلول لقضايا أدّت إلى تأجيج نزاعات وحروب وشرّدَت الملايين من أبناء البلاد العربيّة، و هذا الحراك السعودي – العربي المُهِم يهدف لدعم دول العَرب المضطربة سياسيّاً وامنيّاً وبسط سيطرة المؤسسات على أراضيها والحفاظ على وحدتها وسيادتها، وإنهاء نفوذ الميليشيات الإرهابية فيها، ووقف جميع أشكال التّدخّل الخارجيّ في الشّؤون الداخليّة العربيّة.

أهمية الزمان والمكان

تنعقِد في 19 الشّهر الجاري القمة الـ 32 لرؤساء الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية في مدينة جدّة في ظروف سياسية مُعقّدة.

دعا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الزّعماء العرب لحضورها، تزامُناً مع إلغاء الجامعة العربيّة قرارها السّابق بتجميد عضوية سوريا وإنهاء قطيعة استمرّت نحو 12 عاماً وإعادة العلاقات العربيّة – السوريّة إلى مجاريها.

تكتسب قمّة جدّة أهمية بالغة لأسباب عديدة أهمّها انعقادها على أراضي المملكة، لما لها من أهمّيّة وثقلٍ سياسيّ واقتصاديّ ودينيّ. فأهميّة الأحداث تنبثقُ أيضاً من أهميّة المكان. إذ تُعطي هذه القمّة صورةً بالغةَ الأهميّة من مستوى الحضور الذي سيفوق كلّ القمم العربيّة التي عُقِدَت منذ اندلاع ما عُرِفَ بـ”الرّبيع العربيّ” في عام 2011.

أهم الملفات

لاختصار المشهد يُمكن القول إنّ أمام القادة العرب عدداً من القضايا المُهمّة والحسّاسةِ بالنّسبة إلى المنطقة العربية التي شهدت خلال العقود الماضية تغيراً جذرياً في التوازنات الإقليمية في غير مصلحة العرب، وخطر الارهاب والتطرّف والعنف كما تابعنا التغيّرات الدولية الكثيرة في ما يتعلق بالاوضاع المستجدة على السّاحة الدولية، والتوتّر المُتصاعِد بين القوى العالميّة.

تعمل الدبلوماسية السعودية مع العرب لتحقيق فرص النجاح للقمّة وتسعى إلى التأكيد على الحلّ السّياسيّ باعتباره الخيار الوحيد لحلّ الأزمات لإعادة اللُّحمة العربيّة بعودة سوريا للأسرةِ العربيّة والاستقرار والازدهار الاقتصاديّ في الجزائر وتونس وليبيا واليمن والعراق وسوريا ولبنان.

كذلك وقف المعارك والوصول إلى توافقٍ سياسيّ في السّودان، كما ستحضر القضية الفلسطينية والدعم المطلق لحقوق الشّعب الفلسطينيّ غير القابلة للتصرّف، بما فيها حقّه في الحريّة وتقرير المصير وتجسيد دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على حدود الـ 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

كذلكَ حقّ العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين والتأكيد على الرفض العربّي والإسلاميّ للتطّرف الإسرائيلي بقتل الفلسطينيين وهدم منازلهم وتهجيرهم، وإباحة تعرض المستوطنين للمسجد الأقصى وتدنيسه. سيكون للقمّة موقفاً واضحاً في هذا الصّدد للتأكيد على الرفض العربيّ لهذه الممارسات، وتحفيز المجتمع الدّوليّ اتخاذَ إجراءات ملموسة في هذا الشأن.

تطلعات وآمال

يقول الاكاديمي والمحلّل السّياسي السّعودي الدكتور خالد محمد باطرفي في حديث لـ”جسور”: “يأتي انعقاد القمّة في جدة في وقت ذي حساسيّة خاصّة نظراً لعدد الملفّات التي تحتاج إلى اتفاقِ العرب عليها وأسلوب التعاطي معها. وأيضا هناك حرائق ينبغي أن يتّفِقَ القادةعلى طريقة اطفائِها. وهُناك قضايا بالغة الأهميّة ولا تحتملُ الانتظار وهي حاضرة ومؤثرة على الأمن القوميّ العربيّ.

ويتابع باطرفي: “هذا بالّنسبة لأهميّة التوقيت. أمّا بالنسبة لأهميّة المكان لأنّها السّعودية بيت العرب ورائدة الّتضامن العربيّ والاسلاميّ، وبالتّالي الجميع ينظر إليها ويأمل أن تُحقق ما لا لم يتحقق من قبل وهو الحدّ الادنى من التضامن العربيّ في مواجهه كلّ الملفات الشائكة.
المصدر : جسور

قد يعجبك ايضا