كتب مالك حجازي: بيت الزعيم

-الإعلانات-

عندما نزور بيت المصيطبة أو بيت صائب سلام هناك بوابة حديدية سوداء تخفي خلفها أسرار وحكايات عن تاريخ لبنان

في هذا المنزل الذي ولد فيه صائب سلام عام 1905 تشهد الجدران وعتابات الرصيف على قرقعة سلاح الجنود الأتراك وبعدهم جنود الاستعمار الفرنسي للضغط على والده أبو علي سلام

مابين دخول المنزل وحضور الرئيس تمام سلام 10 دقائق نجد خلالها أنفسنا أمام عبق التاريخ الذي ينضح من هذا المنزل والذي يختلط بشذى الحاضر

لا يمكن ان نزور هذا المنزل إلا ونستذكر أحد الذين ساهموا في عملية بناء لبنان الحديث، عبر مشاركته في الجلسة النيابية لنزع المواد الانتدابيّة من الدستور، وفي رسم العلم اللبناني الخالي

الزعيم الذي دعا منذ الخمسينيات إلى بناء دولة حديثة ومتطوّرة في كل المجالات إلى جانب دعوته الدائمة لوضع دستور حديث يقوم على إلغاء الطائفية

بالإضافة لتوجّهه الوطني هناك توجه عروبي راسخ تعبر عنه مواقفه عن الصراع العربي – الإسرائيلي، ودعمه للمقاومة الفلسطينية الذي بدأ منذ العام 1936

كان صائب سلام يرى أن بناء اللبنان الواحد يقتضي إيجاد المواطن اللبناني الواحد عن طريق توجيه الدولة وإدارتها
وبتعزيز المدرسة الرسمية والجامعة اللبنانية و تقويتهما في سبيل إنشاء جيل لبناني وطني واعد

صائب سلام الذي سجل أعلى رقم في ترؤسه الوزارات اللبنانية المتعاقبة 7 مرات، أسس طيران الشرق الأوسط وكان له دور في تشييد أحدث مطار في الشرق الأوسط ” مطار بيروت الدولي ” بالإضافة إلى قيادته لجمعية المقاصد

دخل البيك، رجل مخملي من عائلة عريقة، بكامل أناقته المعهودة ودماثة أخلاقه، محافظاً على مظهره الرياضي رغم مرور السنين، صافح الجميع وتعرف على الأغلبية

رجل دولة بإمتياز ذهنه حاضر لكل الأسئلة التي طرحت عليه وأجوبته راقية تشبهه
معتدل في تفكيره وصدره رحب، إصراره متزايد على العيش المشترك مؤمن بإتفاق الطائف
ومتمسك بما قاله والده عام 1958 ” لا غالب ولا مغلوب ” وعام 1960 ” لبنان لا لبنانان ”
شعارات باتت لكل زمان ومكان

في نهاية اللقاء يصر البيك على الإقتداء بقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلّم ” ما تواضعَ أحدٌ لله
إلا رفعه ” فيصر على مرافقة ضيوفه إلى الباب الخارجي مصافحهم فرداً فرداً

إنه تمام صائب سلام البيك المتواضع …

قد يعجبك ايضا