
ميشال عون: تعيش مع محيطك ثم تقول ما بيشبهونا؟
يصرّ الجنرال ميشال عون، ابن التاسعة والثمانين على أن يصطحبك إلى إحدى زوايا الحديقة ليريك «عربيشة الورد» التي زرعها. يستيقظ عند السادسة والنصف صباحاً، بعد قراءة ما يُعدّ له من مقتطفات الصحف، يبدأ نهاره الفعلي عند التاسعة باستقبال زوار ووفود شعبية يأتون إلى «الجنرال» لا إلى الرئيس، لأن «الرئاسة تشبه عقد الإيجار لست سنوات وتجعلك مكتوماً ومُقيّداً».
أول حديث صحافي مع الرئيس عون منذ خروجه من قصر بعبدا:
* هناك انقسام طائفي عميق اليوم ولهجة سائدة خصوصاً في الشارع المسيحي تقوم على شعار «ما بيشبهونا»؟
– قد نختلف في السياسة وفي العادات والتقاليد وفي طريقة العيش. نحن متنوّعون، الخطاب الطائفي غير مقبول. قاتل واستشهد معي جنود سنة وشيعة ومن كل المذاهب، أريد أن أعيش مع محيطي. هل أعيش مع محيطي أم أقول «ما بيشبهونا»؟ يجب ألّا يتحوّل أي خلاف سياسي إلى خلاف طائفي. ما يهمّني هو محيطي.
* كيف هي علاقتك مع حزب الله حالياً؟
– هادئة. نحن حريصون على العلاقة وعلى عِشرة 18 عاماً. لديّ بعض العتب على عدم دعم الحزب لي في بعض الأمور كالتدقيق المالي الذي كان أمراً مهماً بالنسبة إليّ. زعلت وتعاتبنا. لكن هذا لا علاقة له بالموقف الاستراتيجي. ومن المؤكد أنني سأفرح معهم جداً إذا انتصروا في هذه الحرب. لا أتنازل عن قناعاتي.
* هل هناك تواصل بينك وبين السيد حسن نصرالله؟
– وضعه لا يسمح بذلك.
* أين أصبح الملف الرئاسي؟
– القصة صارت دولية وصارت هناك لجنة خماسية. أخشى أن هناك من خطّط من الخارج لهذا الفراغ ولهذا الإهتراء، وتعمّد ألا تكون هناك حكومة شرعية. النتيجة اليوم أنهم «حرقوا دين» الدستور. وإلا كيف يُمدّد لقائد الجيش وهناك 20 ضابطاً أفضل منه. هذا أيضاً تخريب للجيش، وكذلك بسبب من سرقوا المؤسسة العسكرية.
* أين أخطأت في عهدك؟ في التعيينات التي قمت بها مثلاً؟
– خياراتي في التعيينات التي قمت بها جاءت بعد تدقيق في مهنية الأشخاص بعيداً عن الإنتماءات. لم أعمل وفق مبدأ الولاء الذي أعتبر أنه «خارب» البلد.
* ألم تخطئ بالتمديد لرياض سلامة؟
– هذا كذب. طلبت من الرئيس نبيه بري ومن غيره بأن نعيّن حاكماً لمصرف لبنان، فكان الجواب أنه «مش وقتها». كان معنا ثلث الحكومة فقط، ومعروف من يقترح اسم الحاكم.
* ما الذي يجري داخل التيار الوطني الحر؟
– هناك تقصير من بعض النواب وأخطاء ارتكبها النواب الأربعة، وتبيّن أنه باتت لديهم ميول جديدة وسياسة جديدة، وهناك مواقف وكلام قيل، وسفرات سياسية إلى الخارج من دون تشاور. لذلك «عم نشيلن» أو «عم يطلعوا».
* لكنّ بعضهم كان مقرّباً جداً إليك حتى أثناء وجودك في القصر مثل الياس أبو صعب؟
– نعم، وعُين وزيراً مرتين وانتُخب نائباً مرتين. وعلى افتراض أنه لم يطلب ذلك، أليست لي «جميلة» في ذلك؟ هناك قلة وفاء لدى البعض.
* ألا يمارس جبران باسيل ديكتاتورية داخل التيار؟
– لديه نظام يعمل على تطبيقه. ليس ديكتاتوراً، بل صاحب قرار وهم لا يريدون ذلك. ما من قرار فصل يصدر من دون تعليل. كل نائب في المجلس اليوم يتحمّل مسؤولية عدم إقرار القوانين الإصلاحية كقانون الكابيتال كونترول، فما بالك إذا كان رئيس لجنة المال والموازنة إبراهيم كنعان يلعب مع آخرين دوراً في عدم إقرار هذا القانون، ما أدّى إلى تهريب ثروات وحُمّلنا وزر ذلك شعبياً.
هذا الخروج من التيار ألا يُضعفه شعبياً؟
– التيار لا يزال الأقوى مسيحياً. لا أخشى على مستقبل التيار . التيار يصحّح نفسه، وليس في هذا عيب. هذه المجموعة أُخرجت لأنها أخطأت. والمشكلة أن الخطأ تحوّل إلى سلوك، فكان لا بدّ من وضع الأمور في نصابها.
من مقابلة في جريدة الأخبار – الخميس 29 آب 2024