جبران باسيل .. لاعب البلياردو المحترف

-الإعلانات-

كتبت صفاء درويش في “السياسة”:

عمومًا، تأتي أيّام الآحاد أيّام عطلة للموظّفين أكانوا يعملون في مؤسسات أم لدى أفراد. هذا الأمر لا ينطبق بالطبع على عدد من الناشطين والمستشارين السياسيين والإعلاميين، الذين أُرغموا هذا الأحد على الإستيقاظ مبكرًا للمشاركة بحملة الهجوم على جبران باسيل. حسنًا، وبعيدًا عن حملتهم، ليس مستبعدًا أبدًا أن تُدفع الأموال وتُوجّه الحملات ضد من قرّر مواجهة الجميع. جبران باسيل، الذي عادت ووُلدت ترويكا لمواجهته، وجبران باسيل الذي لم يسر بمشروع لمحاصرة جزء من اللبنانيين، وجبران باسيل المتمسّك بالمشروع الأخطر الذي يهدد وجود أخصامه وهو التدقيق المالي الجنائي.

قد يجد اللبنانيون نقاطًا عدّة لانتقاد باسيل عليها، ولكن في الواقع هناك حقائق فرضها التيار الوطني الحر على الساحة الوطنية نقلت الحياة السياسية من حال إلى حال.

لو لم يكن باسيل اليوم موجودًا، لوجد اتفاق رباعي جديد، ولتقاسمت الترويكا الحصص فيما بينها، ولأُتي بالأضعف مسيحيًا نحو المناصب الأهم في الدولة اللبنانية. من هنا، يمكن الإنطلاق لتفسير الحملة الممنهجة على باسيل، فمحاولة إضعافه قبل عام من الإنتخابات النيابية المفترضة يعني التوجّه في العام المقبل لانتخاب رئيس يمثّل 11,000 لبناني فقط لا غير!

محاولة اضعاف باسيل يعني أنّ دفن مشروع التدقيق المالي الجنائي هو حياة للحكومة المقبلة، التي ما زال الحريري يتردّد فعلًا في تشكيلها، بحسب ما تشير المعلومات، حتى يتلقى ضمانات بسحب موضوع التدقيق من التداول.

محاولة اضعاف باسيل يريدونها مدخلًا نحو تدويل التحقيق في انفجار 4 آب، والذي في حال حصوله سيكون تمييعًا للتحقيقات الجدية المفترضة، واطالةً غير معلومة الأمد للوصول إلى النتيجة المطلوبة، واستنزافًا للمال العام كما ذلك الذي تكبّدته الدولة اللبنانية لمحكمة دولة انتظرها اللبنانيون 15 عامًا لتقول لهم أنّ قاتل الحريري هو مجهول قام بفعلته لوحده دون أي دعم من اي جهة كانت!

يريدون احراج باسيل لإخراجه، كي لا يتواجد معهم على طاولة واحدة ليحاسبهم ويمنع سرقة القروض التي يأملون سحبها من درب اللبنانيين.

هذه الحملات التي يعتقدون أنّها ستزرع الأرق في نفوس محازبي وجمهور التيار الوطني الحر، تأتي منذ بدايتها بنتائج معاكسة لم يكن أشد المتشائمين في صفوف أخصام باسيل يتوقعها. فهي فشلت في الإيقاع بين باسيل وحزب الله، حيث يجتمع منذ مدة وفدي الحزبين لمناقشة تطوير ورقة التفاهم. علاوةً على ذلك، ورغم العقوبات التي وُضعت من قبل أقوى دولة في العالم، ورغم الضغوطات العربية الكبيرة، خرج جبران باسيل اليوم بخطاب قال به بوضوح أن حزب الله ما زال حليفه الأساسي ولم يتخلّ أي طرف في هذا الحلف عن الآخر.

أمّا بعد خطاب باسيل اليوم، بات واضحًا أن الحريري يسعى لتغييب الكلمة المسيحية الفاصلة في الحكومة المقبلة، فإعطاء جنبلاط حق سحب الميثاقية من الحكومة ساعة يشاء هو وضع استقرار البلد بيد شخص واحد، وهو المثال الذي يصوّر أسلوب تعاطي الحريري مع التشكيل عمومًا، هذا اضافةً إلى محاولته الإستيلاء على صلاحية رئيس الجمهورية بشكل مخالف للطائف، الإتفاق الذي لطالما نادت الحريرية السياسية بضرورة التمسّك به.

أمّا للأطراف المسيحية التي تضع كل ثقلها اليوم في محاولة كسر العهد والتيار الوطني الحر متجاهلة خطورة تمرير خطة الحريري هذه المرة لتُكرس قاعدة في كل مرة، فقد قدّم جبران باسيل درسًا لعموم اللبنانيين بلعبة البلياردو حينما أصاب كل الكرات الضعيفة برمية واحدة قائلًا: “واحد ما شايف بالحياة الاّ رئاسة الجمهورية، وواحد ما شايف بالحياة الاّ كيف بدّو يربح على ضهر الحراك وواحد ما شايف كل حياته الاّ كيف بدوّا يربحنا! وهو عايش دايماً بحياته على جانب الأحداث، ولا مرّة بقلبها”.

 

المصدر : السياسة

قد يعجبك ايضا