دار الإفتاء صخرةُ الثوابتِ الوطنيةِ

-الإعلانات-

محي الدين عنتر

قَدَرُ دار الفتوى في الجمهوريةِ اللبنانيةِ أنْ تتقدم الصفوف في المنعطفات التاريخية وفي الأزمات الكبرى؛ حفظاً للوحدة الإسلامية والوطنية ولتصويبِ المسار ومَلْءِ الفراغ وأنْ تُقَدِّم التضحيات الجسام في سبيل هذا الهدف الكبير .

هذه الدار التي نَأَتْ بنفسها عن نزاعات الزواريب الضيقة؛ كان على رأس مطالبها تاريخياً: عروبة لبنان ووحدته، وإلغاء الطائفية السياسية، والعدالة الإجتماعية؛ لا يمكن أن تكون فئويةً ولا أنْ تتقوقع مذهبياً؛ وراجعوا إن شئتم مواقف ساداتها من نشوء هذا الكيان وصولا للحظتنا الراهنة مرورا بمؤتمر الساحل ١٩٣٦ إلى المؤتمر الإسلامي ١٩٧٦ وما بينهما وما بعدهما وصولا لحقبة الطائف …

هذه الدار التي ما غادرت خنادقها في مواجهة الكيان الغاصب والتي يشهد القاصي والداني لمفتي صيدا والجنوب الشيخ محمد سليم جلال الدين -رحمه الله تعالى- تصديه بصدره العاري وعِمَّتِه البيضاءِ الناصعة للعدو الصهيوني وتبني المقاومين من أبناءِ صيدا وشهدائِها رغم الأثمان الغالية .

هذه الدار قدمت الشهداء على مذبح الوطن ووحدته واستقلال قراره وما بخلت يوما: المفتي الشهيد حسن خالد، والشيخ الشهيد صبحي الصالح، والشيخ الشهيد أحمد عساف، وغيرهم كثير …

هذه الدارُ المؤتمنةُ على تاريخها وثوابتِها والوطنِ، والتي أثبتت جدارتها كمرجعيةٍ وطنيةٍ عربيةٍ إسلاميةٍ جامعةٍ قبل أن تكون مرجعيةً للسُّنَّةِ في لبنان؛ لا تستطيع التَّنَصُل من مسؤولياتها إذا ما دعاها الواجب؛ بل لا يجوز لها ذلك .

وحسناً فعل سماحةُ المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان بدعوتِه النوابَ السُّنَّةَ في هذا الظرف العصيب من عمر الوطن؛ الذي يشهد شتاتاً سُنياً وغياباً قيادياً وانقساماً وطنياً؛ للقاءٍ تشاوريٍ في دار الفتوى لتوحيد الرؤى في الاستحقاقات القادمة، أو لتنسيق المواقف، أو للتشاور وتبادل الآراء بالحدِّ الأدنى -وهذا إيجابيٌّ ومطلوب- …

ليس اجتماعُ دار الفتوى اصطفافاً مذهبياً كما يروج له البعض، وليس موجهاً ضد “الوطنيين” كما يحلو للبعض الآخر وصفَه، بل إنَّ الوطنيةَ الحقَّة هي رسالة الدار التاريخية ونقطة ارتكازها -كما قدَّمنا-؛ إلا إذا كان البعض يرى الوطنية وكالةً حصرية يضع حدودها على مقاس قوقعته أو “بريستيجا” يستمد زعامته منه ويخشى فَقْدَه !!!

نشدُّ على يَدَيْ سماحة المفتي والنواب الذين تجاوبوا مع دعوته، وندعو مَنْ اعتذر لمراجعةِ موقِفِه، ونُحذِّر من تأثير بعض السياسيين الفاسدين ومَنْ يدفعهم من السفراء؛ على اللقاء أو قراراته؛ وهم الذين يتحملون جزءً كبيراً من مأساة الوطن وشتات الطائفة .

قد يعجبك ايضا