السعودية.. ركن رابع لقيادة آسيا !

-الإعلانات-

تعد المملكة العربية السعودية من الاقتصادات المستقبلية، بما تحمله من إمكانات غير مستغلة، وفرص تجارية فريدة، وتحتل المملكة مركزًا محوريًا في قلب العالم العربي والاسلامي والدولي. وتبدو المملكة كما لو أنها تعيد تعريف دوائر حركتها الاستراتيجية وتأثيرها الخارجي بشكل مغاير عما كانت عليه طيلة العقود الماضية بما يحقق مصالح المملكة إقليمياً ودولياً. فالمملكة لديها إمكانات اقتصادية ومالية هائلة يمكن توظيفها لخدمة سياستها وأجندتها الاقتصادية والسياسية الخارجية .

في الوقت نفسه تسعى السعودية لأن تصبح وجهة استثمارية واقتصادية عالمية، وبالتوازي مع اندلاع الحرب في أوكرانيا حيث تباينت المواقف الدولية تجاه هذا الحدث في أبعاده الاقتصادية والسياسية والعسكرية وانقسمت الدول بين من دعم روسيا في خطوتها من الحلفاء، وبين من عارضها من دول حلف ” الناتو”، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية ، بينما انشغلت دولٌ أخرى بإعادة رسم علاقاتها الخارجية .

قرارات محورية

وفي قراءةٍ للمشهدية من منظارٍ أوسع لتحرك هذه الدول، وفق الخريطة السياسية والعسكرية والاقتصادية عبر مجريات الحرب في أوكرانيا ومواقف الدول بشأنها، في أكبر صراعٍ تشهده القارة الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية، وأثر هذه الحرب وصداها تعدّيا موقعها الجغرافي، إذ إنّها، كما اتّضح منذ اندلاعها، بعد دخولها عامها الثاني، حربٌ بالوكالة بين الدول الأطلسية وروسيا على الساحة الأوكرانية.

في المقابل، نجد أن المملكة العربية السعودية حرصت في قرارها المتعلق بزيادة الإنتاج النفط في بداية الحرب الروسية -الاوكرانية، إذ رفضت دعوات البيت الأبيض بضخ وإنتاج مزيد من النفط، و ثبات الرياض باستقرار أسعار النفط وعدم زج سلاح النفط في الحرب الأممية ووقوفها في وجه الولايات المتحدة الأميركية جعلها تبدو كقوة إقليمية بل عالمية في مجال الطاقة والاقتصاد والقرار السياسي المستقل.
خطت السعودية خطوة باتجاه قلب المعادلة الاستراتيجية والاقتصادية في المنطقة وحرصت على تكريس الانفتاح على العالم وتصفير المشاكل من بوابة التنمية الاقتصادية المحورية على مستوى الإقليم والعالم وفي اللحظة التي كانت فيها الدول الكبرى واقعة ضمن مظلة خيارات عسكرية وسياسات مدمرة، بدأت السعودية بإبرام اتفاقيات اقتصادية مع روسيا والصين واليابان مما يجعلها من الدول الكبرى لقيادة آسيا .

علاقات خارجية بأفضل حال

وبعد الزيارة التاريخية للرئيس الصيني الى المملكة العربية السعودية التي جمعته مع قادة العالم الخليجي والعربي على مدى ثلاثة أيام وُعقدت وقتها ثلاث قمم: صينية سعودية، صينية خليجية وصينية عربية أسفرت عن توقيع أكثر من 20 اتفاقية سعودية صينية بقيمة قاربت 30 مليار دولار أمريكي .

تشهد علاقات الصداقة والتعاون بين المملكة العربية السعودية واليابان نموا متصاعدا مستندة على دعم كامل من قيادتي البلدين اللتين أكدتا التزامهما بالتعاون من أجل تحقيق الرخاء والاستقرار للدولتين والشعبين الصديقين.
وتأتي زيارة فوميو كيشيدا ، رئيس وزراء اليابان منذ أيام مع وفد اقتصادي وسياسي إلى منطقة الخليج العربي بدأها بزيارة المملكة العربية السعودية في إطار الزخم المتواصل الذي تشهده البلدين الصديقين وضمن التاريخ الحافل من الزيارات المتبادلة بينهما التي كان لها بالغ الأثر في تنمية هذه العلاقات وترقيتها إلى المستويات التي تحقق الطموحات المشتركة .
وتتطلع المملكة العربية السعودية نحو مبادئ الرخاء والاستقرار وعدم التدخل بشؤون الدول ومكافحة الارهاب، قدما للعمل مع اليابان لضمان تحقيق الشراكة والمزيد من الرخاء والازدهار وبناء مستقبل أكثر إشراقا” للبلدين والتعاون في مواجهة التحديات العالمية والإقليمية، خصوصا هذه الزيارة كفرصة ستسهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين ومصلحة مشتركة في مواصلة توسيع التجارة والاستثمار بين قطبين رئيسين ” الرياض و طوكيو “.
وعلى هامش الزيارة للرئيس الياباني والوفد المرافق وقعت المملكة العربية السعودية، 26 اتفاقية إستراتيجية مع اليابان، في خلال لقاء الطاولة المستديرة بين الجانبين السعودي والياباني، إذ شملت الاتفاقيات العديد من المجالات أبرزها الطاقة المتجددة، المياه، البطاريات الإلكترونية، الصناعات المتقدمة، الفضاء والتكنولوجيا، الذكاء الاصطناعي، ريادة الأعمال، القطاع الصحي والقطاع المالي وحضر اللقاء نحو 120 شخصية مسؤولة في اليابان، منهم ممثلو 44 شركة، لتوسع التبادلات التجارية بين السعودية واليابان.

ووسعت المملكة العربية السعودية من علاقاتها الاقتصادية والاستثمارية مع الخارج إلى توسيع الاقتصاد بعيدا من النفط الخام، وتعد السعودية ثالث أكبر شريك تجاري لليابان بحسب وزير الاستثمار السعودي، الذي قال: “الاتفاقيات مع اليابان، ستدفع بالشراكة الاقتصادية لمستويات جديدة خلال الفترة المقبلة”.
من جانبه، قال رئيس وزراء اليابان فوميو كيشيدا إن زيارته للسعودية، تهدف لتعزيز العلاقات الاستراتيجية معها، مؤكدا أن الرياض تعد شريكا استراتيجيا مهما لطوكيو .وذكر أن 110 شركات يابانية تعمل في السعودية، مضيفا: “سيتم العمل مع السعودية على تحقيق أهداف رؤية 2030 “.

تعزيز الشراكة السعودية مع اليابان

في السياق، يقول رئيس “تجمّع رجال وسيدات الأعمال اللبناني الصيني” ورئيس “مجموعة أماكو”، علي محمود العبد الله: تشكل زيارة رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا إلى السعودية حدثا تاريخيا، خصوصا بينما تتحوّل المملكة إلى قوة عالمية يُحسب لها ألف حساب. كما إن للزيارة دلالات ذات أهمية استراتيجية لكل من السعودية واليابان، خصوصا بينما تمرّ دول العالم في حقبة انتقالية قد تقود إلى عالم متعدد الأقطاب، وتتحوّل السعودية إلى واحدة من القوى العالمية المؤثّرة في السياسات الدولية والاقتصاد العالمي.
وبحسب العبد الله، تمثل الزيارة نتيجة طبيعية لمسار طويل من تطوير العلاقات وعلى مدى تاريخ العلاقات بين الطرفين، ثمة محطات بالغة الأهمية، ربما أبرزها في العام 2016 حين زار ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز اليابان، والتقى رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي. وأهم ما في هذه الزيارة يومها كان الإعلان عن صياغة رؤية مشتركة سعودية – يابانية بعنوان “الرؤية السعودية اليابانية 2030”.
ومن خلال هذه الرؤية بدأ العمل على مجالات تعاون تتخطى النفط، باتجاه مجالات اقتصادية متعددة. بعد ذلك زار الملك سلمان بن عبد العزيز اليابان في العام 2017، لاستكمال عملية تطوير العلاقات وتوقيع المزيد من الاتفاقيات والشراكات بين الجانبين ثم حدث تطوّر مُلفت في العام 2019، عندما زار ولي العهد اليابان ممثلا السعودية في قمة مجموعة العشرين في مدينة أوساكا.
ولهذا السبب ننظر إلى زيارة رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا باعتبارها حدثا دوليا بينما نمر ّفي مخاض ولادة عالم متعدد الأقطاب، واستكمالا لمسار تنمية العلاقات بين البلدين، وتحديدا كل ما يتعلق بـ “الرؤية السعودية اليابانية 2030”.

ملف الطاقة يتصدر

وأكد العبد الله ، لا شك أن ملف الطاقة بين البلدين ركيزة أساسية في العلاقات الثنائية، إذ تعد شركة أرامكو أكبر مورد للنفط إلى اليابان، وهي سبق أن صدرت على سبيل المثال نحو 40 في المئة من إجمالي واردات النفط اليابانية في العام 2021. كما تعد المملكة أكبر مصدر للنفط إلى اليابان، ويتعاون البلدان في مجال توليد الكهرباء اعتمادا على الهيدروجين والأمونيا، وسبق أن صدّرت المملكة إلى اليابان في العام 2021، شحنات من الأمونيا الزرقاء. فضلا عن ذلك أسست أرامكو مجموعة من مواقع تسليم المنتجات المكرّرة في جزيرة أوكيناوا اليابانية، لتوريد المواد إلى نحو 6 آلاف محطة في اليابان. وأعتقد أن قوة الاقتصاد السعودي وتحوّل المملكة بشكل تدريجي إلى قوة أساسية على المستوى العالمي، هي من أبرز الدلالات على هذه الزيارة.
وعن الاتفاقيات الاقتصادية بين السعودية واليابان وتأثيرها على العلاقات التجارية بين الصين والسعودية يرى علي محمود العبد الله أن لا شك بأن تطوير العلاقات السعودية مع اليابان، سينعكس بشكل إيجابي على العلاقات الصينية السعودية، إذ إن اليابان والصين تلعبان دورا اقتصاديا تكامليا، وعلاقاتهما مع السعودية هي مؤشر إيجابي. الصين هي قوة عالمية عظمى، وتساهم من خلال سياسة الانفتاح والسلام والتعاون في تمتين العلاقات الدولية بين كل الدول المحبة للسلام. كذلك، اليابان هي دولة متفوقة تكنولوجيا وصناعيا وتسعى لبناء العلاقات الاقتصادية الناجحة، تماما كالصين التي باتت مركزا عالميا للصناعات المتطوّرة في شتى الميادين. وكلما ازداد التعاون بين الدول ابتعدنا تلقائيا عن لغة الصراعات والحروب، ونحن بأمس الحاجة خصوصا في عالمنا العربي إلى علاقات مزدهرة بين السعودية واليابان من جهة والسعودية والصين من جهة أخرى، وكلّ هذا يصب في مصلحة السعودية وباقي البلدان العربية.

صفقات واتفاقيات

أما الاتفاقيات الـ 26 التي تم توقيعها خلال زيارة رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا فهي تشكل امتدادا للاتفاقيات السابقة. وأعتقد إن إطلاق الاتفاقيات الجديدة يمهّد لبزوغ حقبة جديدة في شراكة المملكة واليابان تجاه تنفيذ رؤية 2030، وإضافة عناصر جديدة تتمحور حول تحوّل الطاقة والمناخ وصناعة المواد المتقدمة والبطاريات وأشباه المواصلات والصحة والتقنية المالية والتمويل والصادرات والخدمات اللوجستية والسياحة والترفيه وتقنية المعلومات.
ووفقا لرئيس “تجمّع رجال وسيدات الأعمال اللبناني الصيني” علي العبد الله ، يرى في السعودية قوة عالمية في طور النشوء وهي لا شك تسير على طريق التفوّق والنمو، وهذا أمر لا ينعكس على علاقاتها مع اليابان ودول الشرق الأقصى مثل الصين فحسب، بل أيضا على علاقاتها العربية، الإقليمية والعالمية.

طارق أبو زينب – جسور

قد يعجبك ايضا